الحديقة هي أكثر من مجرد مساحة خضراء، إنها ملاذ ومكان للراحة والاسترخاء، ومساحة للتعبير عن الذات، ولتحقيق أقصى استفادة من هذه المساحة الثمينة، يجب أن نتعامل معها بمنظور تخطيطي، وأن نقوم بتقسيمها إلى مناطق مختلفة، كل منطقة منها تخدم غرضًا محددًا وتلبي احتياجات معينة.
إن تنسيق
الحديقة ليس مجرد عملية فصل عشوائي، بل هو فن يجمع بين الجمال والوظيفة، ويخلق
تجربة متكاملة ومريحة.
التخطيط المسبق: أساس النجاح في تقسيم الحديقة
قبل الشروع في عملية تخطيط
الحديقة، من الضروري تخصيص وقت للتخطيط الدقيق، هذه المرحلة هي الأساس الذي
تقوم عليه كافة الخطوات اللاحقة، وتضمن أن تكون النتيجة النهائية متناسقة وعملية.
تحليل المساحة
·
قياس الأبعاد: ابدأ بقياس أبعاد الحديقة بدقة، وتحديد الأطوال
والعرض والمساحة الكلية، هذه المعلومات ستكون أساسية عند وضع الخطط.
·
تحديد الشكل: هل الحديقة مستطيلة، مربعة، دائرية، أم ذات شكل
غير منتظم؟ شكل الحديقة سيؤثر على كيفية تقسيمها.
·
تحديد نقاط القوة والضعف: هل هناك مناطق مشمسة وأخرى مظللة؟ هل هناك ميلان
في الأرض؟ هل هناك نقاط جذب طبيعية مثل شجرة كبيرة أو صخرة أو عناصر غير مرغوب
فيها مثل الجدران القبيحة؟ تحديد هذه النقاط سيساعد في توجيه عملية التخطيط.
تحديد الاحتياجات والأولويات
· الاستخدامات
المرغوبة: ما هي الأنشطة
التي ترغب في ممارستها في الحديقة؟ هل ترغب في منطقة الجلسات الخارجية
وتناول الطعام؟ هل تريد منطقة مخصصة
للأطفال للعب؟ هل هناك رغبة في إنشاء حديقة خضراوات؟ تحديد هذه الاستخدامات سيساعد
في تخصيص المناطق المناسبة.
·
عدد المستخدمين: هل الحديقة مخصصة لشخص واحد، لعائلة صغيرة، أو
لمجموعة كبيرة؟ عدد المستخدمين سيؤثر على حجم المناطق وتصميمها.
·
الميزانية المتاحة: تحديد الميزانية المخصصة لتصميم الحديقة سيساعد
في اتخاذ قرارات واقعية بشأن المواد والإنشاءات.
وضع خريطة أولية
·
رسم تخطيطي: استخدم ورقة وقلم أو برنامج تصميم لإنشاء رسم
تخطيطي بسيط للحديقة، مع تحديد المواقع المحتملة لكل منطقة.
· تحديد المسارات: قم بتحديد ممرات ومسارات الحدائق
التي ستربط بين المناطق المختلفة، مع الأخذ في الاعتبار سهولة الوصول والتنقل.
· تحديد العناصر
الرئيسية: قم بتحديد موقع
العناصر الرئيسية في الحديقة، مثل أماكن الجلوس، والبرك، والشلالات والنوافير ،
وأشجار الظل.
أنواع المناطق: تنوع يلبي مختلف الأذواق
بعد التخطيط المسبق، حان الوقت لتحديد أنواع
المناطق التي سيتم إنشاؤها في الحديقة، يمكن أن تتنوع هذه المناطق بشكل كبير،
وتعتمد على الاحتياجات والرغبات الشخصية.
1.منطقة
الجلوس والاسترخاء
·
أثاث مريح: يجب أن تتضمن هذه المنطقة أثاثًا مريحًا مثل
الكراسي والأرائك والطاولات، والتي يمكن استخدامها للاسترخاء والقراءة وتناول
الطعام.
· تظليل مناسب: يمكن تركيب المظلات الخارجية
لتوفير الظل والحماية من أشعة الشمس
الحارقة.
·
إضاءة دافئة: يمكن إضافة إضاءة خافتة لخلق جو مريح في المساء.
·
عناصر طبيعية: يمكن إضافة نباتات وأزهار لإضفاء لمسة طبيعية
وجمالية على المنطقة.
2.منطقة
اللعب والترفيه
·
مساحة آمنة: يجب أن تكون هذه المنطقة آمنة ومناسبة للأطفال
للعب، مع تجنب العناصر الحادة والخطيرة.
·
ألعاب متنوعة: يمكن إضافة ألعاب مختلفة مثل الأرجوحة والمنزلقة
والرمل.
·
مساحة للعب الحر: يجب توفير مساحة كافية للأطفال للركض واللعب
بحرية.
3.منطقة
الزراعة والبستنة
·
تخصيص المساحة: يجب تخصيص مساحة محددة للزراعة، سواء كانت حديقة
خضراوات، أو حديقة زهور، أو حديقة أعشاب.
·
تحديد نوع النباتات: يجب اختيار النباتات المناسبة للمناخ والتربة،
وتلبية احتياجات البستاني.
·
توفير الأدوات والمعدات: يجب توفير الأدوات والمعدات اللازمة للعناية
بالنباتات.
4.منطقة
المياه
·
بركة صغيرة: يمكن إضافة بركة صغيرة أو نافورة لإضفاء لمسة
جمالية على الحديقة.
·
عناصر مائية: يمكن إضافة عناصر مائية أخرى مثل الشلالات
والجداول.
·
نباتات مائية: يمكن إضافة نباتات مائية لتزيين المنطقة وجذب
الحياة البرية.
5.الممرات
والمسارات:
·
تحديد المسارات: يجب تحديد مسارات واضحة تربط بين المناطق
المختلفة، وتسهل التنقل في الحديقة.
·
استخدام المواد المناسبة: يمكن استخدام مواد مختلفة لإنشاء الممرات، مثل
الحصى، والطوب، والخشب.
·
إضاءة مناسبة: يمكن إضافة إضاءة للممرات لتسهيل الحركة في الليل.
أساليب التقسيم: طرق إبداعية
لتحقيق الفصل
بعد تحديد أنواع المناطق، يمكن استخدام أساليب
مختلفة لتقسيم الحديقة، وخلق حدود واضحة بين المناطق المختلفة.
1.التقسيم
باستخدام النباتات
·
الأشجار والشجيرات: يمكن استخدام الأشجار والشجيرات لخلق حدود طبيعية
بين المناطق المختلفة، وتوفير الظل والخصوصية.
·
الأسوار النباتية: يمكن استخدام الأسوار النباتية لإنشاء حواجز
مرئية وممتعة.
·
النباتات المتسلقة: يمكن استخدام النباتات المتسلقة لتغطية الجدران
والأسوار، وإضافة لمسة خضراء وجمالية.
2.التقسيم
باستخدام العناصر المعمارية
·
الأسوار والجدران: يمكن استخدام الأسوار والجدران لخلق حدود واضحة
بين المناطق المختلفة، وتوفير الخصوصية والأمان.
·
الأقواس والبوابات: يمكن استخدام الأقواس والبوابات لإنشاء مداخل
جذابة بين المناطق المختلفة.
·
الأرضيات المختلفة: يمكن استخدام مواد مختلفة للأرضيات لتمييز
المناطق المختلفة، مثل الحصى، والطوب، والخشب.
3.التقسيم
باستخدام العناصر المائية
·
البرك والجداول: يمكن استخدام البرك والجداول لإنشاء حدود طبيعية
بين المناطق المختلفة.
· النوافير
والشلالات: يمكن تركيب الشلالات والنوافير
لإنشاء نقاط جذب بصرية وصوتية.
4.التقسيم
باستخدام الارتفاعات المختلفة:
·
المدرجات والمنصات: يمكن استخدام المدرجات والمنصات لإنشاء مستويات
مختلفة في الحديقة، وتحديد المناطق المختلفة.
·
التلال والتلال الصغيرة: يمكن إنشاء تلال صغيرة في الحديقة لإنشاء مناظر
طبيعية مختلفة، وتحديد المناطق المختلفة.
التكامل والانسجام: تحقيق وحدة التصميم
بعد تقسيم الحديقة إلى مناطق مختلفة، من المهم
التأكد من أن هذه المناطق متكاملة ومنسجمة مع بعضها البعض، لخلق تجربة متكاملة
ومريحة.
- استخدام
نفس الألوان والمواد: يجب
استخدام نفس الألوان والمواد في جميع أنحاء الحديقة، لخلق شعور بالوحدة
والانسجام.
- تكرار
العناصر التصميمية: يجب
تكرار بعض العناصر التصميمية في جميع أنحاء الحديقة، مثل الأشكال والأنماط
والمواد، لإنشاء رابط بصري.
- الحفاظ
على التوازن: يجب
الحفاظ على التوازن بين المناطق المختلفة، بحيث لا تطغى منطقة على أخرى.
- تلبية
الاحتياجات الشخصية: يجب
تصميم الحديقة لتلبية الاحتياجات والرغبات الشخصية، وخلق مساحة تعبر عن الذوق
والأسلوب الشخصي.
- المرونة
والتكيف: يجب
أن تكون الحديقة مرنة وقابلة للتكيف مع التغيرات، بحيث يمكن إضافة أو إزالة
المناطق حسب الحاجة.
الخلاصة
تقسيم الحديقة ليس مجرد عملية فنية، بل هو عملية
تخطيطية تهدف إلى تحقيق أقصى استفادة من المساحة المتاحة، وتلبية الاحتياجات
والرغبات الشخصية.
من خلال التخطيط المسبق، وتحديد أنواع المناطق،
واستخدام أساليب التقسيم المناسبة، والتأكد من التكامل والانسجام، يمكن تحويل
الحديقة إلى ملاذ جميل وعملي يعكس أسلوب الحياة ويحسن من جودة الحياة.
إرسال تعليق